مع استكمال نصف الولاية الحكومية.. هل أضعف "التغوّل" و"السجالات الشعبوية" أحزاب المعارضة في المغرب؟

 مع استكمال نصف الولاية الحكومية.. هل أضعف "التغوّل" و"السجالات الشعبوية" أحزاب المعارضة في المغرب؟
الصحيفة - خولة اجعيفري
السبت 30 مارس 2024 - 22:35

تقترب حكومة عزيز أخنوش من استكمال نصف ولايتها الحكومية، على وقع تحديات جسيمة سواء ما يتعلق بالتحديات الاقتصادية أو ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات قياسية، فيما يُسجّل مراقبون أداء خافتا طيلة هذه الفترة للأحزاب المتموقعة في المعارضة والتي تخلّت عن أدوارها الواسعة التي منحها إياها دستور 2011، مُفضلة التركيز على ما اعتبر "سجالات شعبوية" داخلية عوض مواجهة ما وُصف بـ "التغول الحكومي"  و"ديكتاتورية" أغلبيتها البرلمانية.

وأفرزت انتخابات  الثامن من شتنبر 2021، قيادة حزب التجمع الوطني للأحرار الأغلبية الحكومية بـ 102 مقعد بمجلس النواب، وحزب الأصالة والمعاصرة بـ87 مقعدا، والاستقلال بـ81 مقعدا، وهو ما يعني حصول الأحزاب الثلاثة على أغلبية جد مريحة بتحقيقهم 270 مقعدا من مجموع 395 مقعدا، وذلك مقابل معارضة يتزعمها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مشكلاً القوة المعارضة الأولى بمجلس النواب بـ 35 مقعداً، بالإضافة إلى حزب التقدم والاشتراكية بـ 21 مقعداً، وحزب العدالة والتنمية بـ 13 مقعداً، فضلاً عن حزب الحركة الشعبية وفيدرالية اليسار واليسار الاشتراكي الموحد، وهو الفارق العددي في المقاعد الذي تتحجّج به المعارضة في تبرير ضُعف أدائها واكتفائها بالمعارضة "الرمزية" طيلة النصف الولاية الماضية.

وتشتكي فرق ومجموعة المعارضة مما تصفها بـ "الممارسات المنافية لروح الدستور منذ تشكيل الحكومة وأغلبيتها البرلمانية" موردة أنه طيلة هذه الفترة "ساد نوع من التغول والهيمنة البرلمانية للحكومة وأغلبيتها، اللتين يَتَمَلَّكُهما نُزُوعٌ مُفرطٌ نحو الاستقواء بالمنطق العددي الضيق على حساب الاستناد إلى المنطق الديمقراطي الذي يُعلي من شأن التعددية ويَصُونُها".

وتُبرر المعارضة البرلمانية خفوت صوتها، بما تتعرض له من "تضييق للخناق على صوت ومبادرات ومكانة المعارضة داخل مجلسي البرلمان، وفرض الأغلبية البرلمانية منطقها الأحادي غير القانوني وغير الديمقراطي، وتكريس نزوعها الهيمني في تعاطيها مع المعارضة وكذا التضييق على فرق ومجموعة المعارضة، بعدم تمكينها من المساحة الزمنية الكافية واللازمة لممارسة مهامها التشريعية وأدوارها الرقابية، مع استحواذ يكاد يكون كليا للحكومة والأغلبية البرلمانية".

وإلى جانب واقع "التغول" الحكومي وفق تعبير المعارضة، فإن تركيبتها الحالية أساسا محط اختلاف كبير على اعتبار أنها تضم خليطاً من أحزاب يمينية ووسط ويسارية، فيما تبقى التساؤلات بخصوص انسجامها ومدى مقدرتها على التنسيق من أجل أداء الأدوار المنوطة بها مشروعة، خاصة وأنه طيلة نصف الولاية الحكومية طفت إلى السطح خلافات بينية عديدة بين زعماء أحزاب المعارضة، يعتبر مراقبون أنها واحدة من أسباب الفشل، ومن بينها واقع الارتباك الذي تسبب فيه انسحاب حزب الاتحاد الاشتراكي، شهر شتنبر الماضي من تنسيق المعارضة بسبب انتقادات الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران لقيادة الحزب اليساري.

وأقر رشيد حموني رئيس تكتل حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بالتراجع الحاصل في أداء المعارضة، منذ السنة الثانية من عمل البرلمان ليس فقط في المواضيع والشؤون المرتبطة بالإيديولوجيات السياسية والمرجعيات، لكن أيضا في الأمور البعيدة عن كل هذا  على غرار مشروع قانون الصحافة والنشر وقانون الشركات، بحيث كان الاتفاق بين الأحزاب المعارضة سواء داخل البرلمان وحتى على مستوى قيادة تلك الأحزاب، وكان قرارا سياسيا بالتصويت ضد القانون وإذا به لم يكن هناك التزام بهذا التصويت داخل اللجان والجلسة العامة.

وبناء عليه، يرى الحموني أن التنسيق هش ولم تعد له جدوى مادام كل فريق يشتغل بشكل منفرد، كما لم يعد القيام بتعديلات مشتركة أو تصويت موحد لمراقبة العمل الحكومي، مضيفا: "إننا مقبلون على بعض القوانين التي تبرز فيها الاختلافات بين المرجعيات والأيديولوجيات بين العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، وعلى رأسها القانون الجنائي ومدونة الأسرة".

وبالفعل بدأت تبرز جليا، سمات الخلاف عقب تجدد الجدل المرتبط بإصلاح قانون الأسرة عقب الظهور الأخير لزعيم حزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة الأسبق، عبد الإله بنكيران، الذي دعا إلى مواجهة أي بنود "تخالف" المرجعية الإسلامية بـ"مسيرة شعبية مليونية"، متّهما زعيمي حزبي الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، بمحاولة "تغيير كلام الله"، بعد أن سبق لهما المطالبة بإخراج قانون ذي "نفس تحديثي قوي".

 من جانبه، رفض الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بن عبد الله، الدخول في ما وصفه بـ"الجدال العقيم" بعد تصريحات بنكيران، غير أنه قال، إن "من حق أي شخص أن يقول ما يريد، إلاّ أن عليه ألا يحرّف مواقف الحزب، لأن ذلك يطرح مشكلة تتعلق بالنزاهة"، كما اعتبر الاتحاد الاشتراكي بدوره على لسان رئيسة "منظمة النساء الاتحاديات" التابعة له حنان رحاب، أن" صوت بنكيران صوت قلة معدودة على أصابع اليد رد عليها المجتمع المغربي بكلمته في الانتخابات الأخيرة، ولن يستطيع أن يوقف عجلة التطور القانوني والحقوقي الذي اختارته الأسر المغربية".

وفي سياق واقع التصدّع والانقسام الذي تتكبّده المعارضة، واختيار كل من الحزب الاشتراكي الموحد وحزب فيدرالية اليسار العمل بشكل منفرد من موقع المعارضة، قرر كل من حزبي "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" و"التقدم والاشتراكية"، مواجهة "التغول" الحكومي بخارطة طريق للعمل السياسي المشترك، يقوم على التنسيق بين زعماء الأحزاب، بعلة الاختلالات والممارسات التي تطبع المشهد السياسي الوطني السلبي، منذ اللحظات الأولى لتشكيل حكومة "أخنوش"، المكونة من "التغول الثلاثي" على حد ما جاء في البيان، ومجابهة ما وصفوها بهوس الأغلبية بالهيمنة والاستفراد بالقرار السياسي المركزي والمحلي، وكذا الصراعات والتناقضات بين الأغلبية، والتي كشفتها بروز تناقضات وصراعات على المستوى الجهوي والمحلي، عرقلت السير العادي في المؤسسات المنتخبة، ما أدى في كثير من الأحيان إلى تعطيل العملية التنموية، وعرقلة الأداء العمومي لخدمة مصالح المواطنات والمواطنين.

وإذا كانت الآمال اليسارية معقودة على هذا التنسيق الثنائي في تحسين تموقع المعارضة وإعلاء صوتها للقيام بالأدوار المنوطة إليها بموجب الدستور، فإن الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، محمد بنعمر يعتبر أن ذلك "لا يكفي أبدا، ويكاد يكون مجهود النزر الضئيل الذي لا يسمع صوته ولن يأتي بتغيير فعلي" موردا: "صناديق الاقتراع الأخيرة أسهمت في كتم صوت المعارضة من خلال تقلي وجودها البرلماني، بدليل حجم مساهمتها الضئيلة جدا في العمل البرلماني بناء على نظام النسبية المتبع في توزيع المهام البرلماني".

وأوضح بنعمر، في حديثه لـ "الصحيفة"، بأن التحديات الكبيرة التي تواجهها الحكومة الحالية على كافة الأصعدة سواء السياسية، الاقتصادية والاجتماعية، في ظل ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات قياسية، إضافة إلى تضرر القدرة الشرائية للمواطنين ومعيشهم اليوم الذي تدهور في السنتين الأخيرتين، "هو في الأخير اختبار لمتانة المعارضة وقوتها لما يستدعيه الوضع من تحرّك قياسيا ومعارضة قويّة تصوب تدبير الشأن العام، بيد أن هذا لم يحدث طيلة النصف الولاية وفاتورته كانت كبيرة".

ويرى بنعمر، أن المعارضة تملّصت من أدوارها الدستورية ومسؤولياتها الوطنية، كما انهمكت في مشاكلها الداخلية ومواقفها وإيديولوجياتها المتنافية، غير آبهة بالأزمات التي تمُر منها البلاد، وهو ما تُظهره بالمقابل المبادرات البرلمانية المحتشمة والمحدودة مقارنة بحجم الانتظارات، مرجعا ضعف أداء المعارضة إلى اكتفائها أيضا على الآليات الرقابية التقليدية التي لا تثير المسؤولية السياسية للحكومة، كما لم نشهد تشكيلا للجان تقصي الحقائق حول عدد من الملفات المهمة، أو تحريك ملتمس الرقابة فعليا لإثارة المسؤولية السياسية للحكومة.

وأشار المتحدث أيضا، إلى طلبات استدعاء الوزراء للمثول أمام البرلمان لمناقشة قضايا تثير اهتمام الرأي العام الوطني، التي وجّهتها أحزاب المعارضة البرلمانية ولم تتفاعل معها الحكومة، موردا: "بالنسبة للحكومة، فهي مرتاحة جدا إزاء ضعف المعارضة وانقسامها وبالتالي دون تحقق شرط الانسجام بين فرق ومجموعة المعارضة، من المحال أن نشهد أداء جيدا للمعارضة ذات القدرة المحدودة حاليا على التعاطي مع العمل الحكومي".

وشدّد الباحث في القانون الدستوري، على مسألة تحقق شرط الانسجام بين مكونات المعارضة، معتبرا أن غياب التنسيق سيؤدي حتما إلى تمرير العديد من النصوص التشريعية التي قد تمس أحزاب المعارضة بالدرجة الأولى، خاصة النصوص التي تمس حقوقها".

ويتوقّع الخبير في العلوم السياسية، أن تظهر تصدّعات جديدة في القادم من الأيام أيضا مع بروز أحزاب تحاول البحث لها عن مكان داخل التعديل الحكومي المرتقب بعد العيد، سيّما في ظل التصدع الحكومي وتوقعات بخروج أحد الأحزاب الثلاثة من قادة الحكومة الحالية، ما سيُزكي صراعات جديدة في صفوف المغاربة كنتيجة لغياب التوافقات والتنسيق المشترك.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...